السید عباس صافي زاده


٠٥ أبريل ٢٠٢٣


۰ تعليق


( 12 )

قلق الناشرين من قلّة القرّاء بسبب (تشات بات) الذكاء الاصطناعي

تقوم وسائل الذكاء الاصطناعي الجديد لغوغل ومايكروسوفت بالإجابة عن أسئلة الباحثين عن طريق عرض فقرات كاملة بدلاً من الاقتصار على بيان فهرست للروابط وحسب

سعت صناعة النشر خلال العقديْن المُنصرمين إلى المواءمة مع الإنترنت الذي أدّى إلى انخفاض نسبة طبع ونشر الكُتب بشكل كبير، واستطاعت الشركات التقنية الحصول على أموال طائلة بفضل الإعلانات التي اجتذبت الكثيرين. أمّا الآن، فقد جاء دور الـ(تشات بات).

 

تقوم وسائل الذكاء الاصطناعي الجديد لغوغل ومايكروسوفت بالإجابة عن أسئلة الباحثين عن طريق عرض فقرات كاملة بدلاً من الاقتصار على بيان فهرست للروابط وحسب. ويخشى الكثير من الناشرين من قلّة زيارة الأفراد للمواقع الإخبارية، وبالتالي هبوط نسبة التردّد إلى تلك المواقع وفقدان دخولها.

هذا، وما زالت عروض وسائل البحث القائمة على الذكاء الاصطناعي الجديد محدودة لذلك لم يلاحظ بعض الناشرين من أمثال (Condé Nast) و (Vice) بَعد التأثير الناشئ عن تلك الوسائل في تجارتهم. إلّا أنّ المساعي التي تُبذَل بعيداً عن مشاركة ذينك الناشريْن من أجل الحيلولة دون انحطاط صناعة النشر، أدّت بالكثيرين إلى جمع الفئات لغرض البحث في الخيارات، وجعل هذا الموضوع على رأس جدول أولويّات المؤتمرات الصناعية. ويحاول هؤلاء – بمساعدة إحدى المنظمات التجارية - وضع تصميم لإلزام المستفيدين من مضمون الناشرين عَبر (تشات بات) بدفع مبالغ مُعيّنة، والمصادقة على هذا القرار.

وقد صرّح (برايان غولدبرغ Bryan Goldberg) – المدير التنفيذي لشركة (BDG) التي تدير بعض المواقع مثل (Nylon) و (Bustle) و (Romper) والتي تُعنى بالحياة البسيطة والثقافة – بقوله: في الحقيقة يمكن تسمية هذا الأمر بجعل المعلومات على شكل (ويكيبيديا) ويمكنكم مشاهدة الكثير من الأسئلة التي يتمّ تقديم أجوبتها بشكل (ويكيبيديا) وهذا وحده كافٍ لإبادة المواقع المفتوحة.

ويُعاني ناشرو المعلومات من علاقة غير مواتية مع محرّكات البحث وإن كانت متقابلة بشكل عامّ، فمواقع البحث تربح الكثير من خلال امتلاك مصادر معلوماتية موثوقة عند تقديم النتائج، كما يربح الناشرون أيضاً بفضل التردّد إلى مواقعهم عن طريق محرّكات البحث.

ويقول (براين موريسي Brian Morrissey) – الكاتب في صحيفة (The Rebooting) الخاصة بالأعمال التجارية الإعلامية: يشكّل تردّد البحث عبر حسابات (غوغل) نصف الزيارات للعديد من المواقع أو أكثر. وأضاف قائلاً: لا شكّ في أنّ البحث يُعدّ العمود الفقري لأعمال النشر في الإنترنت.

أمّا (كايل ساتون Kyle Sutton) – مدير البحث والإنتاج في انتشارات صحيفة (غانت) – فيقول: ما زالت هذه العلاقة تدرّ الأرباح على كلا الطرفيْن. ويستأنف (ساتون) كلامه قائلاً: على الرغم من أنّ جميع نتائج البحث يتمّ اقتباسها من معلوماتنا، وهي برأينا بمثابة زحف في مضموننا وجمع ذلك وبالتالي هداية المستخدم إلى موقعنا، فقد أدّى ذلك إلى زيادة الزيارات وتراكمها، ولهذا، فإنّني أعتقد بأنّ هذه العلاقة هي أهمّ شيء ينبغي لنا المحافظة عليه.

وتقول (باربارا بينغ Barbara Peng) – رئيسة علامة الأخبار الرقمية في مجموعة (Insider): يمكن للاقتراحات الجديدة أن تُغيّر كلّ ذلك، فشركة مايكروسوفت تعكف في الوقت الحاضر على حشر (تشات بات) في محرّكاتها البحثية – وهي (بينغ) – وفي الوقت نفسه يوجد (تشات بات) أيضاً في محرّك (غوغل) و (Bard) وهو مستقلّ تماماً عن محرّكها الأصلي.

وتضيف السيدة (بينغ): إنّ هذه تشبه الثورة، فينبغي أن تمرّ فترة طويلة حتى تتبيّن آثارها، وفي خضمّ تلك الجلبة فإنّ هنالك أشياء جيّدة كذلك، لكنّني أعتقد أنّ هذه الثورة ستعمل على تغيير علاقة الناس بالبحث والاستفادة من المعلومات.

لقد تحوّل تأثير الذكاء الاصطناعي (المنتج) الذي يمكنه إنتاج النصوص والصّور وسائر موادّ الإعلام الأخرى بالاستناد إلى الطلبات، تحوّل إلى أولوية أصلية للبحوث بين الناشرين. ويعتزم المؤتمر العالمي للإعلام الإخباري تقديم مقالات رئيسة حول هذا الموضوع خلال الجلسات التي ستُعقَد في (نيو يورك) في شهر مايس وفق البرنامج الذي تمّ الإعلان عنه في موقعه.

وكان (كوري هايك Cory Haik) – مدير عمليات (Vice Media) – قد أعلن بأنّ هذه الشركة قد شكّلت مجموعة عملية خلال الأشهر الأخيرة من أجل البحث في آرائها، وبيّن (هايك) قائلاً: لا شكّ في أنّه سيكون لهذه المسألة تأثيراً كبيراً في صناعة النشر، وسيكون هذا التأثير بشكل لا يمكن فهمه وإدراكه بسهولة.

وأعلنت صحيفة (واشنطن بوست) مؤخّراً بأنّها عيّنت ممثّلاً للرئيس التجاري بُغية قيادة فئة داخلية تعمل على البحث في تأثير الذكاء الاصطناعي على الصحافة والاستراتيجية الرقمية للصحيفة.

وخلال لقاء مع (روبرت تومسون Robert Thomson) – المدير التنفيذي لـ(News Corp) الذي حاول جاهداً لسنوات طويلة إرغام الشركات التقنية على دفع نفقة المضمون الإخباري – صرّح (تومسون) قائلاً: إذا لم يتمّ العمل سريعاً في هذا المجال ولم يتمّ تحديد المسائل والالتزامات فإنّنا سنرى أنفسنا قريباً في موضع دفاعي.

وطالب السيد (تومسون) بأن تدفع الشركات التقنية نفقات مقابل استفادتها من مضمون الناشرين في إنتاج نتائج الذكاء الاصطناعي، ويقوم التشات بات بإيجاد نتائجه من خلال تركيب المعلومات المجموعة من الإنترنت. وأضاف (تومسون) قائلاً: تعمل شركة (News Corp) – باعتبارها المالكة لـ(وول ستريت جورنال) و(نيو يورك بوست) – بالتباحث مع عدّة شركات تقوم حالياً بالاستفادة من مضمون هذه المجموعة، لكنّ شركة (News Corp) لم تُفصح عن أسماء الشركات المذكورة. وقال أيضاً: وفي النهاية ستتّفق الأطراف بخصوص تلك الموارد واعتبارها أموراً ضرورية.

ووافق (روجر لينتش Roger Lynch) – المدير التنفيذي لـ(Conde Nast)[1] والتي تمتلك امتياز مجموعات أخرى مثل (Vanity Fair) و (Vogue) و (Glamour) – على دفع غرامة إلى صانعي المضمون. وقال: إنّ من النقاط الإيجابية فيما يخصّ الناشرين هي أنّه بالنّظر إلى ماهية الإنترنت فقد يكون من الصعب بالنسبة إلى المخاطبين تحديد المعلومات التي يمكن الاعتماد عليها في الشبكة، وعليه، فإنّه ينبغي لهم مراجعة المصادر الموثوقة والتي يمكن الاعتماد عليها.

وتقوم شركة (Media Alliance News) في الوقت الحاضر – وهي تمثّل (٢۰۰۰) موقع إعلامي في كلّ أنحاء العالم، ومنها (نيو يورك تايمز) – بالعمل على مبادئ يعتقد مدراؤها بأنّها ستقود عملية الاستفادة وتطوير الذكاء الاصطناعي والمقررات الخاصة به للمحافظة على حقوق الناشرين. وبالاستناد إلى مسوّدة تلك المبادئ فإنّه يجب أن تكون الاستفادة من مضمون الناشر لتطوير الذكاء الاصطناعي منوطة بأخذ موافقة ومجوّز صريحيْن.

كما تطالب تلك المبادئ الشركات التقنية بالاهتمام الكافي بالمضمون والعلامات الخاصة بالصحافة بالجودة والثقة المطلوبتيْن. يُضاف إلى ذلك فإنّ تلك المبادئ تُعلن بأنّه لا ينبغي إضعاف الدّعم المُقدَّم للناشرين في أيّ قانون أو لوائح جديدة توضع للذكاء الاصطناعي استثناءً في قانون حقوق النشر.

وورد في تلك الوثيقة أيضاً: في غياب الدّعم المطلوب فإنّ الناشرين – الذين يكافح الكثير منهم في الوقت الحاضر للبقاء ضمن المحيط على الهواء بسبب عدم وجود التعادل في السوق – سيواجهون أزمة وجودية تُهدّد قدرة مجتمعاتنا في الوصول إلى الصحافة المُعتبرة التي يمكن الاعتماد عليها.

وصرّحت (دانيل كوفي Danielle Coffey) – المديرة التنفيذية لـ(News Media Alliance) – أنّه بالإمكان إيجاد حلّ في قانون الرقابة والمحافظة الصحفية، وهو اللائحة التي تسمح للناشرين بالتباحث مع الشركات التقنية حول تقسيم النفقات بشكل جماعي. وكمآ تمّ بيانه فإنّ هذا القانون يشمل كذلك استفادة الذكاء الاصطناعي المنتج من المضمون. ويُتوقّع تقديم اللائحة المذكورة التي لم يتمّ التصويت عليها في السنة الماضية، في أقرب وقت من قِبَل السناتور (إيمي كلوبوتشار Amy Klobuchar) – ممثّل الديمقراطيين في ولاية  مينيسوتا (Democrat of Minnesota)، و(جون كنيدي John Kennedy) ممثّل الجمهوريين في لويزيانا (Republican of Louisiana).

وخلال لقاء أُجري مع (يوسف مهدي) – رئيس محرّك (بينغ) في شركة مايكروسوفت – صرّح بأنّ هداية المُستخدمين عبر الضغط على الزر في موقع الناشرين هو الهدف الأسمى، وأضاف قائلاً: رغم أنّه لم يمرّ أكثر من شهريْن على عرض محرّك (بينغ) في الإنترنت إلّا أنّ المعلومات السابقة تشير إلى أنّنا في الواقع نقوم بهذا العمل بهداية مستخدمين أكثر نحو موقع الناشرين.

وبالإشارة إلى الهوامش التي عُرضت ضمن الأجوبة المقدّمة من قِبَل (تشات بات بينغ) وتمّ ذكر مصدر المعلومات فيها، قال (يوسف مهدي): إنّ من أسباب تزايد المستخدمين هو أنّنا لا نكتفي بالإجابة عن سؤال المستخدم وحسب بل نقدّم له أيضاً الروابط الخاصة بموضوع البحث.

وأضاف (يوسف مهدي) قائلاً: إنّ مايكروسوفت كانت الرائدة في التخاطب مع الناشرين من خلال وسائل البحث الخاصة بها، ونحن نهدف إلى المشاركة في الدّخل المتزايد عبر الاستفادة من (تشات بات). ويستأنف (يوسف مهدي) كلامه بقوله: إنّ مايكروسوفت تعتزم عرض مقالات أكثر لأيّ ناشر ضمن هوامش الأجوبة أو بيع المعلومات وفق الروابط الموجودة في أجوبة الـ(تشات بات)، وبالتالي تقسيم النفقات الحاصلة عن ذلك.

وصرّح الناطق باسم (غوغل) في بيان له إنّ هذه الشركة تلتزم بشدّة بدعم المحيط الإخباري السالم والفعّال، وستكون من أولوياتها إرسال المستخدمين إلى جهة الناشرين.

وقال الناطق المذكور: إنّ هذه الأيام هي الأيام الأولى لاختبار تشات بات الـ(Bard) ونحن نرحّب بالتخاطب مع الناشرين لاستقبال آرائهم واقتراحاتهم.

وأضاف السيد (غولدبرغ) قائلا: خلال السنتيْن الماضيتيْن ركّزت شركة (BGD) على بعض المنتجات مثل الأحداث الحيّة وأخبار صناديق الإيميل ومضمون الماركات الممتازة، من أجل التخفيف من حالات مواجهة عدم الاستقرار في مسار البحث.

وقال كذلك: أعتقد أنّ الناشرين كانوا قد توقّعوا ذلك أيضاً من قَبل وحاولوا الانسجام مع التغييرات عبر السنوات الماضية.

 

المنبع: نیو یورك ‌تایمز

https://www.nytimes.com/2023/03/30/business/media/publishers-chatbots-search-engines.html


 

[1]  شركة عالمية ناشطة في مجال الإعلام العامّ تمّ تأسيسها في عام (١۹۰۹). وقد استطاعت العلامة الإعلامية لهذه الشركة اجتذاب أكثر من (۷٢) مليون مستهلك للمنتجات المطبوعة، و(٣۹٤) مليون من مُستهلكي المنتجات الرقمية و(٤٥٤) مليون مُستهلك في شبكات التواصل الاجتماعي.

تسميات :

أخلاق الذكاء الاصطناعي

فقه الفضاء الإلكتروني

فقه الفضاء الافتراضي

تعليقات

۰ تعليق

لجنة الفقه المعاصر في برامج المراسلة:

جميع الحقوق المادية والمعنوية محفوظة للجنة الفقه المعاصر@2024