كما أشرنا في المراسلة السابقة فقد صدر مؤخّراً أوّل قرار إجرائي بشأن الذكاء الاصطناعي.
ويقضي القرار الإجرائي للرئيس الأمريكي بايدن بأن تقوم الشركات الكبرى بإشراك الحكومة الأمريكية بنتائج الاختبار الوقائي قبل الانتشار الرسمي لأنظمة الذكاء الاصطناعي. ويضع القرار المذكور موضوع توسيع معايير المؤسسة الوطنية للمعايير والتقنية أو اختبار التوترات الدٍاعية والمشاكل المحتملة في الأنظمة، يضعها على رأس جدول أولويّاته. وسوف تقوم وزارة التجارة بتوسيع المعايير من أجل تشخيص المضمون المُنتَج من قِبل الذكاء الاصطناعي، كما يتناول هذا القرار أيضاً المعلومات التعليمية لأنظمة الذكاء الاصطناعي الكبيرة، ويطرح الحاجة إلى تقييم أسلوب الوكالات وكيفية استفادتها من المعلومات التجارية المتوفّرة، مثل المعلومات المُشتراة من واضعيها، ولا سيّما عندما تشمل تلك المعلومات البيانات الشخصية.
يُضاف إلى ذلك، تقوم إدارة الرئيس بايدن في الوقت الحاضر بخطوات من أجل تعزيز القوّة العاملة للذكاء الاصطناعي، وبإمكان المهتمّين بتخصّص الذكاء الاصطناعي إيجاد الفُرص ذات الصلة في العنوان (https://ai.gov/).
ويرى المسؤول الحكومي المذكور أنّ أخطر توقيت للقيام ببعض الجوانب الوقائية والأمنية الموجودة في هذا القرار يتمثّل في حصول التغيير الإيجابي خلال (۹۰) يوماً، وبالنسبة إلى الجوانب الأخرى فقد يستغرق هذا الإطار الزمني سنة كاملة.
مواكبة الإجراءات السابقة للذكاء الاصطناعي
يتضمّن القرار الإجرائي الأخير العديد من الخطوات التي قام بها البيت الأبيض في الأشهر الأخيرة الماضية من أجل إيجاد فضاء مناسب للبحث بشأن سرعة توسيع الذكاء الاصطناعي إلى جانب التعليمات المُقترحة.
وبالاستناد إلى الدراسة التي أجرتها شركة الخدمات المالية والمصرفية السويسرية (UBS) (١) منذ انتشار (ChatGPT) (٢) في نوفمبر / تشرين ثان من عام (٢۰٢٢م) - والذي تحوّل إلى أسرع برنامج واسع التطبيق في التأريخ خلال شهريْن اثنيْن فقط – فقد أدّى الإقبال الكبير على الذكاء الاصطناعي المُنتج إلى إثارة قلق الرأي العام وإقامة الدّعاوى الحقوقية وطرح الكثير من الأسئلة والتحدّيات أمام المشرّعين. على سبيل المثال، وبعد مضيّ أيام قليلة على إدغام شركة (مايكروسوفت) لبرنامج (ChatGPT) في محرّكها المعروف باسم (Bing) تعرّضت الشركة المذكورة إلى العديد من الانتقادات بسبب تقديم معلومات غير مناسبة، كما واجهت المحرّكات المحبوبة لصور الذكاء الاصطناعي إلى الكثير من الانتقادات أيضاً بسبب التمييز العنصري ونشر بعض الرواسم.
ويأمر القرار الإجرائي الذي أصدره الرئيس الأمريكي بايدن وزارة العدل بالإضافة إلى المكاتب الفيدرالية الأخرى، يأمرها بتوسيع المعايير الخاصة بالتحقيق والملاحقة القانونية بسبب نقض الحقوق المدنية المتعلّقة بالذكاء الاصطناعي: «ويوجب قرار الرئيس الإجرائي تقديم معلومات واضحة للمالكين والمستفيدين والمقاولين الفيدراليين للحيلولة دون استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي التي تؤدّي إلى تقوية التمييز العنصري».
وفي شهر آب وحده استطاع البيت الأبيض دعوة الآلاف من المُخترقين (hackers) والباحثين الأمنيين وحثّهم على أن يكونوا سبّاقين على قادة هذا المجال ومنهم شركة (OpenAI) ومحرّك (غوغل) و(مايكروسوفت) و(ميتا) و(إنويديا)، وتُعدّ هذه المنافسة جزءاً من (Def Con) أكبر مؤتمر للمُخترقين في العالم.
وقد وصف أحد ممثّلي مكتب التشريع في العلوم والتقنية التابع للبيت الأبيض هذا الحدث بأنّه أوّل تقييم عامّ لعدد من النماذج اللغوية الكبيرة.
هذا، وقد أقيمت هذه المنافسة بعد جلسة شهر تموز التي عُقِدت بين البيت الأبيض وسبع شركات رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، ومنها شركة (ألفابت) و(مايكروسوفت) و(OpenAI) و(أمازون) و(آنتروب) و(إنفلوونسر) و(ميتا)، وقد وافقت كلّ شركة من تلك الشركات على الالتزام الطوعي بمجموعة من التعليمات الخاصة بالذكاء الاصطناعي، ثمّ غادرت الجلسة، واتّفقت أيضاً على مجموعة من تلك الالتزامات والتعليمات ومن ذلك السماح للخبراء المستقلّين من أجل تقييم الوسائل قبل الشروع بالعمل العامّ، والتحقيق بشأن المخاطر الاجتماعية المتعلّقة بالذكاء الاصطناعي والسماح للشخص الثالث باختبار عوارض النظام، في مقابل بعض المنافسين مثل (Def Con).
هذا، وسنقوم باستعراض الانتقادات المطروحة حول القرار المذكور في المراسلات اللاحقة.
(١) UBS: هي الشركة السويسرية للخدمات المالية والمصرفية ولها شُعب مركزية في مدينة (بازل) و(زيورخ).
(٢) (ChatGPT): هو روبوت مكالمة تمّ تطويره من قِبَل شركة (OpenAI).
تعليقات
۰ تعليق