السید عباس صافي زاده


١٥ ديسمبر ٢٠٢٣


۰ تعليق


( 12 )

الحیازة باعتبارها منشأ جميع الملكيّات الابتدائية

يرى بعض الفقهاء أنّ الحيازة هي منشأ جميع الملكيّات في البدء، ولهذا المبنى الكثير من التطبيقات في الموارد المتعدّدة في الاستنباطات الفقهية.

يرى بعض الفقهاء أنّ الحيازة هي منشأ جميع الملكيّات في البدء، ولهذا المبنى الكثير من التطبيقات في الموارد المتعدّدة في الاستنباطات الفقهية ويمكن أن تكون له نتائج جديدة كذلك. على سبيل المثال، يُعتبر هذا البحث حلّاً مناسباً لبيان حقيقة بعض المعاملات البنكية.

 

بعد أن ينوي الشخص امتلاك الأشياء الخارجية يّطرح السؤال التالي: ما هو شكل ملكية الشخص بالنسبة للأشياء الخارجية؟ في هذا البحث سنحاول الإجابة عن هذا السؤال من وجهة نظر بعض الفقهاء.

 قال المحقق الإیراوني في (حاشية المكاسب) حول ماهية منشأ الملكيّات إنّ الحيازة هي منشأ جميع الملكيّات، كما صرّح سماحته بما يلي:

  • الحيازات الّتي هي أمّ الأسباب المملكة و أساسها و الباقي من النّواقل كلّها متفرعة عليها محدود فهي تفيد الملك في الاعتبار العقلائي إلى أجل معلوم و حدّ مضبوط و هو ما دام العين باقية تحت سلطنة الحائز.

ويعتقد المرحوم الشهید الصدر أيضاً أنّ منشأ جميع الملكيّات هي الحيازة، وفي معرض بيانه لصور «حيازة مال الغير» قال سماحته: هنالك أربع صور يمكن فرضها للحيازة عقلاً:

١-  عدم الحیازة في أيّ ملكية وعدم تأثير الضمان. وتنقسم هذه الصورة بدورها إلى قسميْن:

  • القسم الأوّل: أن لا تكون ید الشخص الثاني یداً مستقلة واعتبار ذو الید الثاني بمنزلة ذو الید الأوّل نفسه، مثل ید الودعي أو الوکیل حيث تكون يده مثل يد الودعي نوعاً ما.
  • القسم الثاني: أن تكون ید الشخص الثاني يداً مستقلة. والسبب في عدم الملكية في هذا القسم هو أنّ ذو الید الأوّل لم يأذن في التملّك والسبب في عدم الضمان هو أنّ ذو الید الأوّل راضٍ بعدم ضمان الید الثانیة مثل # العاریة حيث لا يكون المستعیر مالكاً ولا ضامناً

٢- أن لا تكون الحیازة موجبة للملکیة، ولکن موجبة للضمان، مثل # الغصب. ففي الغصب لا تكون ید الغاصب سبباً للملكية لأنّ المالك لم يأذن في التملّك. وبالنّظر إلى عدم رضى المالك بـ«عدم الضمان» فإنّ الغاصب يصبح موجباً للضمان كذلك.

٣- أن تكون الحیازة موجبة للملکیة، لکن لا تكون موجبة للضمان (على عکس الصورة السابقة)، مثل # الهبة حيث يكون المالك راضياً بحيازة الموهوب له. وهنا يجب الالتفات إلى أنّ الهبة لا تعني التمليك بل تعني حيازة مال الشخص بإذن الشخص نفسه ولهذا السبب يكون القبض في الهبة مُعتبراً ولا تتحقّق الهبة قبل ذلك. وعليه، فإنّ يد الموهوب له تكون سبباً للملكية، وبما أنّ المالك يكون راضياً بعدم ضمان الموهوب له فإنّ يده لا توجب الضمان.

٤- أن تكون الحیازة موجبة للملکیة و الضمان ، مثل باب # القرض. ففي هذا الباب لا يصبح المُقترض مالكاً أو ضامناً بمجرّد إنشاء عقد القرض، بل يكون هذا القرض سبباً للملكية والضمان بعد الحيازة والقبض؛ لأنّ المالك الأوّل من جهة قد أذن بتملّك المقترض ومن جهة أخرى فهو غير راضٍ بعدم ضمان تلك الحيازة ومجّانيّتها.

هذا وقد صرّح سماحته في أوّل عباراته بهذا الخصوص قائلاً:

  • ولهذا كان التملّك بالحيازة أوّل ملكيّة اعتباريّة تثبت بحسب الارتكاز العقلائي؛ على أساس أنّ‌ الحيازة والعمل في المقام كأنّهما يُنتجان شيئاً خارجيّاً، فتحصل علقة الاختصاص عقلائيّاً.

وبالاستناد إلى ذُكِر في أوّل هذا البحث وهو أنّ محلّ بحثنا يتمحور حول التملّك الابتدائي للأشياء، يبدو أنّ البعض اعتبر جملة من العقود والإيقاعات أو الإرث تُعدّ من أسباب الملكية في عرض الحيازة والعمل، وهذا ليس صحيحاً إذ وإن كانت العقود والإيقاعات هي من أسباب الملكية مثل البيع إلّا أنّ هذه الموارد ليست من أسباب الملكية الأوليّة للإنسان في الخارج بل هي أسباب شكل المعاوضة أو الانتقال.

المصدر:

حاشیة المکاسب للإیرواني 1: 162.

موسوعة الشهید السید محمد باقر الصدر 21: 195.

راجع: اقتصادنا 385 و 613 (مکتبة الفقه المعاصر)

الرسائل الفقهیة للسبحاني 1: 217.

تسميات :

الموضوعات التّخصّصية

آراء الفقهاء

تعليقات

۰ تعليق

لجنة الفقه المعاصر في برامج المراسلة:

جميع الحقوق المادية والمعنوية محفوظة للجنة الفقه المعاصر@2025