في هذا التقرير سنبيّن المباحث وآراء الأستاذ محمّد قائني (دام ظلّه العالي) في درس الخارج في موضوع فقه الطبّ.
«حجيّة قول الثقة الواحد في الموضوعات»
إنّ خبر الثقة الواحد مُعتبر على القاعدة في باب الموضوعات، أمّا الأدلّة على هذا المطلب فهي:
وأمّا المعنى اللغويّ للبيّنة ليس مقصوراً على شهادة العدليْن بل يشمل أيضاً شهادة العدل الواحد، مع وجود الدليل الخاصّ في بعض الموارد مثل باب القضاء حيث يجب الأخذ بشهادة عدليْن، لكن في الموارد الأخرى فإنّ شهادة العدل الواحد مُعتبرة بملاك البيّنة.
مثال: عند إثبات نسبة مشكوك فيها، فإنّه إذا كان هناك مُدّعٍ ومُنكر يتمّ تحويل ذلك إلى القضاء ولا بدّ من إقامة البيّنة الاصطلاحية (شاهديْن)، وإذا لم يكن في باب القضاء كأن يُراد تقسيم الإرث داخل أسرة واحدة فيقول شخص ما: أنا ابن للميّت كذلك؛ فيأتي بشاهد (كأن يكون أحد الجيران الذي يعرف فراش الميّت)، ففي هذه الحالة لا وجود للبيّنة الاصطلاحية، لكن، هل يجب الاستماع إلى هذه الشهادة، أم أنّ المُعتبَر هو تعدّد الشهود.
تمّ الادّعاء بأنّ بعض الروايات ترى أنّ تعدّد الشهود في باب الموضوعات مُعتبر، إلّا أنّ دلالة تلك الروايات على المُدّعى مخدوشة.
وقد تمّ استثناء بعض الأبواب من هذا الحكم ولا يكون الخبر الواحد كافياً فيها، مثل: ١) باب القضاء؛ ٢) باب الحدود؛ ٣) باب رؤية الهلال.
إنّ الوجوه المذكورة حول حجيّة الخبر الواحد في الموضوعات تشمل خبر الاختبار والثقة الواحد المبنيّ على المقدّمات الحسيّة.
«حجیّة الآراء الاختبارية المبنية على المقدّمات الحدسّیة»
هل تُعتبر الآراء الاختبارية المبنية على الجزم واليقين المُستخرجيْن من المقدّمات الحدسية، حجّة؟
نكتة ١: إذا كان رأي الشخص الخبير والمُختَبِر ناجماً عن الظنّ والحدس، فلا اعتبار له.
نكتة ٢: الأمر الحدسي هو الأمر الذي لا يمكن تشخيصه على أساس المقدّمات الحسيّة، وفي مثل هذه الموارد فإنّ قول أهل الخبرة هو الحجّة.
نكتة ٣: المقدّمات الحدسية هي المقدّمات التي لا تكون نتيجتها متشابهة للجميع، فالنتائج التي يحصل عليها الخبراء من المقدّمات هي نتائج مختلفة.
إنّ اعتبار آراء الخبراء المبنية على المقدّمات الحدسية لا يكون من باب الخبر كما لا تشمله أدلّة حجيّة الخبر، بل تكون حجيّته من باب حجيّة قول أهل الخبرة.
وفي الجملة فإنّه لا بحث بشأن حجيّة قول أهل الخبرة، أمّا أدلّته فهي:
١) «فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ»
٢) «قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ»
- روایات باب الرّضاع
- روایات باب عروش الجنایات
- روایات باب الإتلاف والضمان والخسارة
- روایت تشخیص حدود الأماکن
- الروایات الدّالة على اعتبار أذان المؤذن غیر العارف وبعض الروایات الأخرى
* سيرة العقلاء: يوجد الارتكاز وسيرة العقلاء في الرجوع إلى أهل الخبرة، وبالتأكيد كانت مثل هذه السيرة موجودة أيضاً في عصر الأئمة (عَليهم السّلام) وكان العقلاء يرجون إلى أهل الخبرة. وحتى إذا قلنا ليس لدينا يقين بل لدينا شكّ في أنّ مثل هذه السيرة كانت موجودة في زمان الأئمّة (عَليهم السّلام) أم لا، يمكننا إثبات وجود مثل تلك السيرة في زمان المعصوم (عَليه السّلام) بواسطة أصالة الثبات، ولا يوجد أيّ ردع في أيّ نصّ مهما كان ضعيفاً حول الرجوع إلى أهل الخبرة.
ما هي شروط حجیّة قول أهل الخبرة؟
يُعدّ الارتكاز وسيرة العقلاء على اعتبار قول أهل الخبرة دليلاً محكماً وثابتاً، فلا يوجد أيّ رادع بالنسبة إلى أصل اعتباره ولا بالنسبة إلى إطلاقه، أمّا شروط البيّنة في قول أهل الخبرة فليست مُعتبرة، بل الوثاقة فيها مُعتبرة، أي يجب أن يكون أهل الخبرة ثِقات، وقول الثقة الواحد في الحدسيّات حجّة مثلما أنّ قول الثقة الواحد في الحسيّات حجّة كذلك، فحجيّة قول أهل الخبرة ليست منوطة بكونها تفيد حصول الوثوق والاطمئنان.
والنتيجة هي: إذا كان الخبير والمُختَبِر ثقة فإنّ رأيه يُعدّ مُعتبراً ولا حاجة إلى تعدّد المختبِر، كما لا حاجة إلى حصول الوثوق والاطمئنان من قوله.
تعليقات
۰ تعليق
بريد الدعم :
جميع الحقوق المادية والمعنوية محفوظة للجنة الفقه المعاصر@2025