لقاء آیة الله العظمی مکارم الشیرازي مع مدیر الحوزات العلمیة ومدیر لجنة الفقه المعاصر

آیة الله العظمی مکارم: أنا مسرور للتقدّم الذي تحرزه لجنة الفقه المعاصر والإنجازات الحاصلة، ولا بدّ من نشر ملخّص عن الآثار العلمية لها.

بالاستناد إلى مركز الحوزة للأخبار التقى سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي – حفظه الله – مدير الحوزات العلمية ومدير لجنة الفقه المعاصر المحرمين وثمّن جهودهما المنجزة حتى الآن والتي ستُنجَز مستقبلاً في موضوع الفقه المعاصر والاهتمام بعُمق الموضوعات، كما أكّد على ضرورة الحضور العلمي للجنة الفقه المعاصر.

وفي بداية اللقاء المذكور شكر سماحة آیة الله أعرافي – مدیر المحترم للحوزات العلمیة - سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي – حفظه الله – على دَعمه وحمايته الكبيريْن واستعرض أوضاع إدارة الحوزة والبرامج التي من المزمع القيام بها، كما تحدّث عن الآثار العلمية التي قامت بنشرها لجنة الفقه المعاصر. وقال سماحته: إنّني لا أقوم بأيّ عمل مهمّ إلّا بعد بيان البرنامج الخمسي له بدقّة، وتُعتبر لجنة الفقه المعاصر أيضاً جزءاً من المجموعات التي تنظّم فعالياتها ونشاطاتها على أساس البرنامج الخمسيّ. ومن تلك النشاطات والفعاليات دروس الخارج في الفقه المعاصر. وينصبّ اهتمامنا على أن يكون هذا النشاط داخل الحوزة والسير على المهج الحوزوي الأصيل بعيداً عن أيّ نوع من التنوير والاستناد إلى الدروس الحوزوية الحرّة. وفيما يخصّ الموضوعية كذلك تؤكّد هذه المجموعة على الاستعانة بالأساتذة الحوزويين والجامعيين للحصول على آخر النظريات الخاصة بالموضوعات ذات الصلة ثمّ العمل على تحليلها فقهياً بمساعدة الأساتذة وتلاميذهم، وكانت ثمرة ذلك تدوين ۹ مجلّدات من الكتب الاجتهادية هذه السنة في الفقه المعاصر، وسوف يتمّ نشر نفس العدد من الكتب في السنة المقبلة.

وأستأنف مدير الحوزات العلمية حديثه بالإشارة إلى كتاب (الفائق) وشروحاته وهو عمل جماعي تمّ إنجازه بمساعدة الأساتذة المعروفين في دروس الخارج، وقال: يُعتبر هذا الكتاب مكمّلاً لـ(الكفاية) وقد أحدث موجهة علمية عظيمة داخل الحوزة وسوف يتمّ إخراج كتب أخرى في المستقبل مكمّلة أيضاً لكتاب (المكاسب) في موضوعات مثل (الشخص الاعتباري) وإضافتها إلى النظام التعليمي في الحوزة.

كما أشار سماحته إلى إنجاز آخر ستقوم به لجنة الفقه المعاصر خلال السنوات القادمة وطبع الكتب التي تمّ تأليفها خلال القرن الأخير في النجف وقم في الموضوعات المعاصرة.

وقدّم آية الله أعرافي شرحاً حول نشاطات إدارة دعم البحوث الضرورية للمجتمع والنظام – التي تشكّلت داخل معاونية البحث في الحوزة – ثمّ أشار سماحته إلى نكتة مهمّة وهي اتّصاله بمختلف المؤسسات الحكومية وإحصاء المسائل والاحتياجات الأصلية وجمعها وتشكيل أكثر من ٢۰ لجنة علمية تحت إشراف المعاون المحترم للبحث حجّة الإسلام والمسلمين مقيمي حاجي. وأضاف سماحته: يتمّ اليوم دعم وحماية كلّ طالب اعتيادي أو أستاذ أو مركز علمي حوزويّ لديه بحث استراتيجيّ وتطبيقيّ يتناسب مع المحاور العلمية المُعلنة لحلّ مسائل النظام والمجتمع الإسلامي، من مرحلة التحقيق إلى مرحلة الطبع، وقد تمّ إعداد أكثر من ١۰۰ مشروع خلال الأشهر القليلة من بدء هذا العمل، وسوف يتمّ نشر مُخرجات ذلك خلال السنة القادمة.

وخلال اللقاء المذكور قدّم حجّة الإسلام والمسلمين إثنا عشري - مدير لجنة الفقه المعاصر في الحوزات العلمية – تقريراً بيّن فيه النشاطات التي أنجزتها اللجنة المذكورة مشيراً إلى إقامة الدروس التمهيدية في الفقه المعاصر، وقال سماحته: رغم البدء بهذه الدروس في النصف الثاني من السنة الدراسية إلّا أنّ (۷٢) أستاذاً وأكثر من (١۰۰۰) طالب اشتركوا في تلك الدروس ويتوقّع أن يكون العدد في السنة القادمة هو الضعف. وفي الوقت الحاضر فإنّ أكثر من (٢۰۰) أستاذ وحوالي (٤۸۰۰) طالب مشغولون في دروس الخارج في الفقه المعاصر و(٢٥۰۰) طالب آخر مشغول في دروس (الفائق)، حيث تشير تلك الأرقام إلى انشغال حوالي (٤٥) في المئة من طلاب السطوح المذكورة بالبحث في المسائل المعاصرة، وهو إنجاز كبير تشهده الحوزات العلمية، وهذه الإنجازات والأعمال ما زالت مستمرة بلطف الله تعالى. وتكمن الجمالية في هذا العمل في قيام الطلاب والأساتذة في السطوح العالية ودرس الخارج بمتابعة الكتب والأبواب الحوزوية التقليدية في هذه الدروس الجديدة إلى جانب تدريسهم ودراستهم، فهم يتعلّمون التقاليد والقواعد الاجتهادية الشائعة وفي الوقت نفسه يسيرون في طريق الاجتهاد في المسائل الحديثة كذلك.

وأضاف مدير لجنة الفقه المعاصر قائلاً: إنّ الإقبال الأكبر من بين الكتب التمهيدية في الفقه المعاصر في هذه المرحلة كان من نصيب كتاب (الربا و الصيرفة الإسلامية) وكتاب (البحث في طرق الفرار من الربا) لآية الله العظمی مکارم الشيرازي، ثمّ (الحاکمیة في الإسلام) للمرحوم آیة الله الخلخالي (ره) وكتاب (إقتصادنا) للشهید الصدر (ره) وكتاب (فقه الولایة و الحکومة) لآیة الله العظمی مظاهري وكتاب (فقه العملات المُشفّرة) لآیة الله السید محمد رضا مدرسي.

وخلال اللقاء المذكور الذي تمّ في بيت سماحة آیة الله العظمی مکارم الشيرازي ـ حفظه الله ـ أكّد سماحته بأنّ الإقبال الكبير على الفقه والأصول في الحوزات العلمية يشير إلى الأساس الصحيح ولهذا كانت هذه العلوم قاعدة الأحكام الشرعية، وقال: إنّ ثمّة إنجازات وأعمال مهمّة تقوم بها الحوزة ولا سيّما النشاطات والأعمال التي تمّ إنجازها في موضوع الفقه والأصول، وهي أعمال غاية في الأهمية وقد خطت خطوات عظيمة.

ومن خلال تأكيده على أولوية المسائل المهمّة في المجتمع والنظام، أضاف سماحته قائلاً: يجب البحث في موضوعية المسائل الجديدة بدقّة حيث لم يكن ذلك يسيراً في زماننا. وأشار سماحته إلى بعض الأمثلة لتلك المسائل وقال: فموضوع النقود وجذور ظهورها وصنعها في الوقت الحاضر لا بدّ من البحث فيها بدقّة متناهية بالنظر إلى التعقيدات التي تتضمّنها هذه المسائل في النظام الجديد للاقتصاد العالمي. وكذلك موضوع العملات المُشفّرة وما إذا كانت نقوداً أو سلعة، أو البحث في الأنواع المختلفة للشركات وشكل الاستثمار فيها، لا بدّ من بيان موضوعيّتها بشكل دقيق. ثمّ بيان وتوضيح الأسس الأصولية لأحكام هذه الموضوعات. وتُعدّ مسألة الدّيْن والاقتراض التي وردت في كلام المرحوم الإمام (ره) من المسائل التي يُبتلى بها الناس ولا يمكننا تجاهل مثل هذه الموضوعات أو التقليل من أهميّتها بل يجب متابعتها والبحث فيها بكل جادّ.

وتأييداً لتوصيات سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي ـ حفظه الله – قدّم مدير لجنة الفقه المعاصر تقريراً بيّن فيه أنّه تمّ تشكيل فريق حوزوي وجامعيّ متكامل ومن مختلف الأقسام العلمية للبحث في الموضوعية، وأنّه يتمّ الاهتمام كذلك بالبحوث البيفرعية والجوانب الموضوعية المختلفة مثل النقود. كما تؤخَذ بعين الاهتمام آراء الأقسام الفنية ويتمّ تخصيص وقت طويل لمسألة الموضوعية حيث استغرق بعضها أكثر من سنة.

وبعد هذا التقرير قال سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي ـ حفظه الله: إنّنا سعداء بحضوركم هنا كما أنّنا سعداء كذلك باستمراركم ومواظبتكم في هذا المسير. وفي ختام حديثه طلب سماحة آية الله العظمى مكارم الشيرازي ـ حفظه الله – إرسال ملخّص عن نتائج الأعمال العلمية التي قام بها الأساتذة حول موضوع العملات المُشفّرة وجميع النتاجات فضلاً عن الآثار المفصّلة للبحوث التي قُدّمت له لكي يتسنّى له مطالعة تلك النتائج في الوقت المناسب.